سلسلة مربيات رائعات: (2) أم سفيان الثوري:
أم سفيان الثوري: عندما نقرأ في سيرة سفيان الثوري نعجَبُ حين نعلم أنَّه رحمه الله -فقيه العرب ومحدثهم، وأمير المؤمنين في الحديث، والذي قال فيه زائدة : «الثوري سيد المسلمين»، وقال فيه الأوزاعي: «لم يبقَ من تجتمع عليه الأمة بالرضا إلا سفيان» - كان وراءه أمٌّ صالحة، تكفلت بتربيته والإنفاق عليه، فكان هو ثمرتها!!
وأفضل شخص يحدثنا عن ذلك هو سفيان الثوري نفسه، فهو يصوِّر ذلك فيقول: «لما أردت أن أطلب العلم؛ قُلتُ: يا ربِّ، لابد لي من معيشة. ورأيت العلم يَدْرُس (أي: يذهب ويندثر)؛ فقلت: أُفرِّغ نفسي في طلبه، قال: وسألتُ الله الكفاية"، يعني أن يكفيه أمر الرزق، فكان من كفاية الله له في ذلك الشأن أن قيَّض له أمه التي قالت له: «يا بُنَيَّ، اطلب العلم وأنا أكفيك بمغزلي»!! فكانت رحمها الله تعمل بالغزل، وتقدم لولدها نفقة الكتب والتعلُّم؛ ليتفرغ هو للعلم، بل والأكثر من ذلك أنها كانت كثيرًا ما تتخوَّله بالموعظة والنصيحة لتحضَّه على تحصيل العلم، فكان مما قالته له ذات مرة: "يا بني، إذا كتبت عشرة أحرف فانظر هل ترى في نفسك زيادة في خشيتك وحلمك ووقارك، فإن لم تَرَ ذلك فاعلم أنها تضرك ولا تنفعك"!! وهكذا كانت أمه فكان هو!! تَبوَّأ السيادة في العلم والإمامة في الدين!!
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق